؟كيف أُنشِئُ قارئاً

ابنتي دانية أمام رفّ الكتب

تأتيني أسئلة كثيرة حول القراءة مع الصغار. كيف أغرس لدى صغاري حب القراءة؟ متى أقرأ معهم؟ متى السن المناسب للبدء؟
ابدئي مع  طفلك وقت حملك به، ليس هناك وقت أفضل للبدء من وقت الحمل إذ تكتمل حاسة السمع لدى الجنين من الشهر الرابع و يستطيع سماعك بعدها، و أفضل عادة تُكسبينه هي القراءة. اقرأي له كتابك الذي تقرئينه و لكن بصوت عال. اشتري كتب للأطفال و اقرئيها لجنينك بصوت مسموع.
بعد ولادتك، لا تنتظري و تقولي “هذا صغير لا يفهم”. بدأت أقرأ لعثمان من أول أسبوع، و في أسبوعه التاسع بدأ يتابع الصفحة حين أقلبها له. و لكن توقفي أول ما يبدأصغيرك بالانزعاج أو البكاء. أنت هكذا تحببين له القراءة، إذ يبدأ رضيعك بالربط بين القراءة و الشعور بالأمان و الراحة لأنه يكون غالباً في حضنك و أنت تقرئين له.
تخيري من الكتب المناسب لكل مرحلة. فالرضيع بحاجة إلى كتب بسيطة غير مكتظة بالصور. ابحثي عن الكتب اللتي تحتوي كل صفحة فيها على صورة مستقلة مثلا تفاحة حمراء كبيرة. الكتب عن الألوان و الأشكال و الحيوانات ممتازة أما القصص فلا تناسب هذه المرحلة. يري نبرة صوتك و أنت تقرئين لتجذبي انتباه رضيعك و اقرأي بوضوح، و لا تنسي إضافة الأصوات المناسبة لتمثيل الصورة، مثلا، “هذه تفاحة كبيرة! لونها أحمر! نم نم نم!”
هذه بعض الكتب المناسبة خلال السنة الأولى للطفل.
Screen Shot 2018-03-04 at 11.04.41 AM
Screen Shot 2018-03-04 at 7.50.03 PM
Screen Shot 2018-03-04 at 7.56.55 PM
Screen Shot 2018-03-04 at 8.00.08 PM
Screen Shot 2018-03-04 at 8.01.16 PM.png
إن كنت بدأت بالقراءة منذ ولادة طفلك، فسوف تلاحظين أن قدرته على التركيز تزداد بشكل ملحوظ. ربما كان يضجر في أشهره الأولى بعد صفحة أو صفحتين من القراءة، و لكن سيبدأ تدريجيا بالاستمتاع و التركيز لفترات أطول، فيصبح مدى تركيزه أربع صفحات بعد أن كانوا صفحتين، ثم أربعة كتب بعد أن كانوا كتابين و هكذا. فالقراءة تدرب الطفل على التركيز، و ترين أكثر شكوى الأمهات من أطفالهم بعمر الروضة أو أقل أن الطفل لا يستطيع الجلوس و التركيز لأكثر من دقيقتين، و يكون السبب في الغالب هو الوقت الذي يمضيه الطفل على الشاشة، لأن الشاشة تدّمر التركيز، و القراءة بالمقابل تمرّنه.
لهذا، إن كنت ترغبين أن تنشئي قُرائاّ، فالشاشة عدوك اللدود. بالإضافة إلى تدمير التركيز لدى طفلك، فالشاشة أيضا تقضي على إبداع الطفل و قدرته على الخيال. حين تقرئين مع طفلك أو حين يقرأ وحده، يكون ذهنه مشغولاّ بتخيل المحادثات و الأصوات و الأحداث و هذا ينمي الخيال. أما حين يشاهد فلماً كرتونيا، فالشاشة تنقل له كل شيء، و لا تدع له مجالا للتخيل أبداً. و الشاشة بطبعها جذابة أكثر من الكتب، و إن وجد الإثنين فالطفل حتماً سيختار الشاشة.
أما عن وقت القراءة، فليس هناك وقت محدد له. فالقراءة ليست مقتصرة على وقت النوم و ليس هناك حدٌ أدنىله. إن كان طفلك في الشهور الأولى، فاقرأي له مرة في الْيَوْمَ، و إذا كبر قليلاً زيدي وقت القراءة لمرتين في الْيَوْمَ أوكلما شعرت أن طفلك بحاجة إلى ترفيه. ستلاحظين بهذه الطريقة أنه حين يبدأ بالمشي سيجلب لك الكتببنفسه، و ربما يرغب بقراءة الكتب التي يحبها لأكثر من مرة على التوالي، و قد لا يعجبه كتاب معين فيبعده أويبدي ملله. القراءة تفتح لطفلك باباً ثقافياً واسعاً فتستطيعين إدراك ميول طفلك من خلال الكتب التي يحبها.
أمرٌ آخر، ضعي الكتب في مكان يستطيع صغيرك تناولها بنفسه حتى يتصفحها لوحده، فتصبح ملاذه و يبدأ يستلذّ بالقراءة الاستقلالية. ابنتي عالية ( ١٣ شهراً) تجلس أمام رف الكتب لنصف ساعة أحيانا تتصفح الكتب،  هذا و هي لم تبدأ المشي بعد، و ما زالت تحبي. و لا تستائي أبداً إن بدأ صغيرك بأكل الكتب فهذا طبيعي جداً، لأن طريقة تعلّم الطفل بأن يلمس الشيء بيده، ثم يدخلها في فمه ليتعرّف على هيّتها و ملمسها، لا لاعتقاده أن هذا الشيء طعامٌ يؤكل.
و تذكري، طفلكِ سيقلدك، فإن أدرتٍ أن تنشئي قارئاً، فكوني قارئة.
en_USEnglish