مع بداية شهر أكتوبر بدأت الأيام تقصر بشكل ملحوظ و بدأ الجو يبرد. جمال فصل الخريف بالنسبة لصغاري يكمن في تجميع الكنوز الخريفية الصغيرة من الطبيعة للعب بها في المنزل. أوراق الشجر الملونة، كستناء الحصان (الجوز الذي بداخل ثمرة شجرة كستناء الحصان)، مخاريط الصنوبر، و ثمار الفواكه خاصة العليق الذي ينمو في البرية، كلها كنوز تمتلىء بها سلالهم و أجدها بعد عودتنا إلى المنزل فوق طاولة الطبيعة.
كنت دائماً أقرأ آية (و ما تسقط من ورقة إلا يعلمها) لكنها ما حركت في نفسي ساكناً إلا بعد تجربة الخريف هنا و رؤية الغابات ممتلئة بأوراق الشجر المتساقطة.
أردنا الخروج من المدينة لرؤية الخريف بكامل حلته و استشعاره كنعمة وهبنا الله إياه، فخرجنا في نزهة إلى الغابة نهاية الأسبوع مع الصغار.
وجدنا مجرى ماء متدفق من الجبال.
كان الممشى شاق بعض الشيء لكن الصغار كانوا منشغلين بتجميع البذور و المخاريط و الأوراق فما أحسوا بالتعب. لم نكمل المشي في جميع الغابة حتى لا يتعب الصغار. ثم أعجبهم هذا الغصن فجاؤوا به إلى المنزل و استخدمناه فيما بعد لصنع غابة بالصلصال المنزلي.
عثمان وجد كهف و جلسنا نخمن الحيوان الذي يعيش بداخله. كانت أحلى فقرة بالنسبة له.
في طريق العودة وجدنا كرسي مطل على الماء فجلسنا و أكلنا نزهتنا.
اكتشفنا عندما ركبنا السيارة أن الوقت ما زال باكراً فسقنا صعوداً من الغابة باتجاه طريق الجبال.
و كوفئنا بأجمل المناظر من الأعلى. (فتبارك الله أحسن الخالقين).
مهم جداً أننا نعرف أبناءنا على الطبيعة. لا أتكلم عن النظر إليه فحسب، بل تعلمه و معاشرته حتى يعرف الطفل ملمسها و أسماء أشجارها و أتربتها و سهولها و جبالها. استخلفنا الله في هذه الأرض و لن نستطيع أن نقوم بواجبنا كمُستَخلفين إلا إذا عرفناها و أحببناها ثم حافظنا عليها.